دعوات لاستبدال واتساب بعد فرضه قبول سياسته الجديدة

الديكتاتورية الرقمية.. كيف يجبرنا تطبيق “واتساب” على قبول اختراقه؟

هدّد تطبيق “واتساب” مستخدميه الذين يتجاوز عددهم المليارين حول العالم، بقبول سياسات انتهاك الخصوصية الجديدة أو توقف الخدمة نهائياً، ما أثار ردود فعل شعبية ورسمية واسعة، ومطالبات باستبداله بتطبيقات أخرى، ما القصة؟

أقدم تطبيق “واتساب” الشهير مؤخراً، على خطوة أثارت انتقادات وردود فعل واسعة عالمياً.

فقد أجبر التطبيق مستخدميه البالغ عددهم نحو مليارين حول العالم، على الرضوخ لشروط الاستخدام الجديدة، بقبول سياسات الخصوصية التي ظهرت في نافذة للمستخدمين خلال اليومين الماضيين، أو توقف الخدمة نهائياً في حال رفضها ابتداء من يوم 8 فبراير/شباط المقبل.

فما هي شروط الاستخدام الجديدة؟ وما ردود الفعل التي أثارتها؟ وكيف يمكن فهمها في سياق هيمنة منصات التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها “فيسبوك”، وتحولّها إلى أداة ديكتاتورية وانتهاك للخصوصية؟

الرضوخ أو الحرمان

فاجأ تطبيق “واتساب” مستخدميه في التحديث الأخير لشروط الاستخدام، برسالة تحمل طابع التهديد مفادها “إما قبول سياسات الخصوصية الجديدة أو إيقاف الخدمة نهائياً اعتباراً من فبراير/شباط المقبل”.

وتشمل التحديثات الجديدة الموافقة على مشاركة بيانات “واتساب” مع شركات “فيسبوك” و “إنستغرام” و”فيسبوك ماسينجر”، وتتضمن تلك البيانات رقم الهاتف الشخصي وقائمة الاتصال وصورة البروفايل، بالإضافة إلى مشاركة سلوك المستخدم مثل كيفية تفاعله مع الآخرين، والمجموعات التي ينضم إليها، والأشخاص الذين يفضل التحدث معهم أكثر من غيرهم وتحليل أكثر الموضوعات التي يتحدث فيها لاستخدامها ربحياً من خلال توجيه الإعلانات المعروضة أمامه على منصات الشركة المختلفة.

وتهدف “فيسبوك” الشركة الأم لكل هذه التطبيقات، إلى استخدام هذه البيانات لاقتراح المحتوى وتعزيز الإعلانات وتحسين خدماتها الربحية والتجارية، من خلال مثلاً تحقيق إيرادات أعلى عبر السماح للمعلنين بالتواصل مع زبائنهم عن طريق “واتساب”، أو بيع منتجاتهم مباشرة عبر المنصة وهو ما بدأت الشركة في تطبيقه بالفعل في الهند.

كما تتيح الشروط الجديدة لجهات خارجية “طرف ثالث” الحصول على بعض بيانات المستخدم، مثلاً سيتمكن مشغّل الفيديو داخل “واتساب” من معرفة الـIP الخاص بالمستخدم، وأيضاً تتيح جمع البيانات المالية الخاصة بالمستخدمين لتحسين الخدمات التجارية لـ”فيسبوك” و “واتساب بيزنس” على السواء.

حاولت “واتساب” طمأنة المستخدمين لاحقاً، بتوضيح أن مشاركة البيانات لا تشمل “مضمون الرسائل التي تبقى مشفرة”، بحسب بيان الشركة.

وذكر البيان أن “التحديثات على إعدادات الخصوصية شائعة، ونحن نمدّ مستخدمينا بكافة المعلومات اللازمة للتحقّق من التغييرات المقبلة”، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ومن اللافت، أن هذه السياسات لن يجري تطبيقها داخل دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلا عبر تطبيق “واتساب بيزنس” فقط، بسبب قوانين الخصوصية الصارمة هناك، بحسب بيان “واتساب”.

دعوات لاستبدال “واتساب”

أثارت الشروط الجديدة جدلاً وردود فعل شعبية ورسمية واسعة حول العالم.

فقد ذكرت وسائل إعلام محلية، أن المكتب الإعلامي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزارة الدفاع التركية أبلغوا الصحفيين اعتزامهم إيقاف التعامل عبر “واتساب” بشكل دائم، والانتقال إلى تطبيق المراسلة التركي المشفّر “BiP”.

كما دعا رئيس مكتب الإعلام الرقمي في الرئاسة التركية على طه كوتش، إلى “تطوير التطبيقات الوطنية الخاصة”.

وقال كوتش في تغريدة عبر تويتر “بسبب مشكلات الخصوصية التي نتعرض لها في تطبيقات ومواقع التواصل الأجنبية، نسعى إلى تطوير تطبيقاتنا الوطنية الخاصة، وندعو جميع مواطنينا إلى الاعتماد عليها واستخدامها”.

كما عبّر آلاف المستخدمين عن غضبهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيما وصف البعض تلك الخطوة بـ”الديكتاتورية الرقمية”، وسط حملات واسعة للمطالبة باستبدال “واتساب” بتطبيقات أخرى.

واعتبر أرتور ميسو، الخبير القانوني في منظمة مدافعة عن حقوق مستخدمي الإنترنت، السياسة الإجبارية الجديدة لـ”واتساب” غير قانونية.

وقال ميسو “إذا ما كانت الطريقة الوحيدة لرفض هذا التعديل هي بوقف استخدام واتساب، فإن عنصر الرضا يتحول إلى إكراه، وهكذا تجري معالجة البيانات بطريقة غير قانونية”، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

من جانبه، دعا رئيس شركة “تسلا” إيلون ماسك، متابعيه إلى استبدال “سيجنال” بتطبيق “واتساب” عبر تويتر.

ولاقت دعوة ماسك تجاوباً واسعاً من المستخدمين، إذ قام أكثر من 100 ألف شخص بتحميل تطبيق “سيجنال” خلال اليومين الماضيين، حتى أعلنت الشركة تعرّضها لضغط كبير بسبب الإقبال الواسع على التطبيق، كما جرى تحميل تطبيق “تليغرام” حوالي مليوني مرة، وفقاً لشركة تحليل البيانات Sensor Tower.

وتضمّنت دعوات الانتقال إلى تطبيق “سيجنال” تذكير بأن الشركة القائمة عليه “غير ربحية”، وتهدف إلى دعم “حرية التعبير” من خلال الحصول على تبرعات ودعم مالي، بعكس شركة “فيسبوك” المملوكة لمارك زوكربيرغ والتي تعتمد بشكل كامل في إيراداتها على الإعلانات، وتضغط على مستخدميها لتحقيق المزيد من الربح مقابل انتهاك خصوصيتهم والتحكم في نوع المحتوى الذي يتعرضون له.

زر الذهاب إلى الأعلى